في رحاب الأمام علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين
قال تعالى: ( قُل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) صدق الله العظيم
سابق المسلمين, فهو من الذين أسلموا وهو صبي يتربى في بيت رسول الله (ص), فهو الذي علم الناس فيما بعد, أنه: ليس الطريق لِمن سبق.. بل لمن صدق!
قال عنه رسول الله: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي"
وقال عنه:" أنا مدينة العلم وعلي بابها"
وقال عنه رسول الله يوم موقعة خيبر عندما ارتدت كتيبة أبوبكر ثم كتيبة عمر بن الخطاب واستعصى عليها فتح الحصن.. قال رسول الله: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله, ويحبه الله ورسوله, يفتح الله على يديه.. فحمل الراية علي وفتح الله على يديه حصن خيبر.
من أقواله ومواقفه:
كان يقول دائماً:" يا دنيا إليك عني.. يا دنيا غُري غيري"
وكان يقول:" ليس الطريق لمن سبق ( سبق إسلامه) بل لمن صدق, فقد سبق إسلامه وصدق عمله.
قال أيضاً: حينما أوشك أن يقع الصدام بينه وبين معاوية بن أبي سفيان في موقعة (صفين) أشار عليه أبن عمه عبد الله بن عباس وهو الصالح الورع, قال له:" خادعهم فإن الحرب خدعة" فرد عليه علي بقوله: " لا والله لا أبيع ديني بدناياهم أبداً, بل كان يؤثر الهزيمة مع الإخلاص والتقوى, على انتصار يتحقق بالمكر والمراوغة.
وهو القائل: " لو كان الفقر رجلاً لقتلته"
وقال قولته المشهورة:" كلمة حق أريد بها باطل"
عندما رفع أنصار معاوية المصاحف وطالبوا بالتحكيم ومعركة صفين على نهايتها بالنصر المؤزر ل علي.
ومن أقواله: في القضاء" البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"
وقال في توظيف المال: " إن الله فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء.. فما جاع فقير إلا بتخمة غني"
كان لسان حاله يقول: " يا دنيا.. يا دنيا, إليّ تعرضت, أم تشوّقت؟ هيهات .. هيهات, غُري غيري.. قد أبنتك ثلاثاً, لا رجعة فيها!!.. فعمرك قصير.. وعيشك حقير.. وخطرك كبير, آه من قلة الزاد وبُعد السـفر ووحشة الطريق..!!
البَطلُ والرّجُل:
في غزوة أُحد عندما خرج أبو سعد بن طلحة من المشركين ينادي بالمبارزة ونادى علياً.. فخرج عليه علي وضربه ضربة طرحته أرضاً فعندما هم أن يجهز به, انكشفت عورة أبو سعد, فقض بصره وانصرف عنه ولم يقتله, أي ورع هذا وأي شرف قتال هذا!؟
فعندما رجع إلى صفوف المسلمين سألوه لماذا لم تقتله قال لهم: " لقد استقبلني بعورته, فعطفتني عنه الرحم"!!!
حتى المشركين عندما علموا بأنه لم يقتل أبو سعد وهو طريح على الأرض بسبب انكشاف عورته, أصبحوا يستغلون هذه الصفة في علي, حتى إذا لاقى أحدهم علي في المبارزة وأوشك أن يجهز عليه كشف عورته له حتى ينصرف عنه.. يا لشرف القتال يا أبا الحسن والحسين.
قصة الفداء:
قصة الفداء هي خطة الهجرة وخروج الرسول (ص) مع أبوبكر, وهي بأن يرقد الأمام علي في فراش الرسول ويبقى في بيته لإيهام المشركين بأن الرسول موجود بداره.
أي تضحية وفداء هذا.. من هذا الرجل.. إنه ربيب الوحي.. وتلميذ رسول الله(ص).. إنه سليل بني هاشم.
وكان دوره أيضا رد الأمانات والودائع إلى أصحابها بعد خروج الرسول من مكة, وقد ملأ الرسول قلبه بالأيمان والاطمئنان وهو يودعه إذ قال له: " لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم".
lن بسالته وشجاعته.. إنه لم يتخلف عن غزوة قط إلا غزوة واحدة أمره فيها رسول الله أن بعدم الخروج إليها ليكون خليفته في المدينة على أهله, ولما تململت روح البطل إزاء هذا التخلف أرضاه رسول الله بقوله على الملأ من أصحابه: " أما يرضيك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى, إلا أنه لا نبيَّ بعدي"!!
الخليفةُ والقُدوة:
لقد حذق دروساً كثيرة من رسول الله فصقلته ووعته.. فجعلته يختار شظف العيش من رقده.
مثلاً: عندما قال رسول الله(ص) لعمه العباس عندما طلب منه أن يوليه إمارة.. قال له: " إنا والله يا عم لا نولي هذا الأمر أحداً يسأله, أو أحداً يحرص عليه"!
عرفها.. عندما طلب من رسول الله يوم فتح مكة أن يعطيهم حق ( الحجابة مع السقاية للكعبة) وكان مفتاح الكعبة مع الأمام علي, فبسط رسول الله يده وأخذ منه المفتاح ثم نادى أين عثمان بن طلحة.. وكانت وظيفة حجابة البيت الحرام معه ومع أسرته من قبل, فنهض عثمان وقال له رسول الله ( هاك مفتاحك يا عثمان, اليوم.. يوم بِّر ووفاء..!!
ثم يقول لأبن عمه علي: " إنما أعطيكم ما تُرزَءون لا ما تَرْزَءون..!! أي أن حظكم في هذه الحياة الدنيا, المسؤولية مع الشظف.. لا شئ فوق ذلك. فدورهم هو العطاء لا الأخذ.
قال عنه عمر بن الخطاب: " لو لا عليّ, لهلك عمر" أي كان يستشيره دائماً.
مواقف الصحابة التي تجلت.. قبيل موقعة الجمل وموقعة صفين رغم حبهم ل الإمام علي:
عندما خرج الأمام علي من الكوفة صوب موقعة الجمل.. دعا سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد للخروج معه ولكنهم فضلوا الحياد وقالوا له ( إن الله أمرنا بقتال المشركين أما القتال اليوم يدور بين مسلم ومسلم فإنهم فيه لا يشتركون.
قال سعد بن أبي وقاص:
" أعطني سيفاً إن ضربت به المشرك قطع, وإن ضربت به المسلم رجع, وأنا أقاتل معك.. أي حرص هذا على دم المسلم من أن يراق!!؟.
وقال عبد الله بن عمر:" إني عاهدت ربي ألا أقاتل من يشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله".
وقال أسامة بن زيد:
" والله يا أمير المؤمنين, لو كنت في شِدق الأسد, لأحببت أن أكون معك فيه, ولكني لا أحب أن ألقي بسيفي مسلماً أبداً.. لأنهم كانوا يدركون بأن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة المشرفة.. ولكننا نعلم بأن الفتنة والذين كانوا خلفها جرت جيش علي جرارا على القتال لأن دهاء عمرو بن العاص مع معاوية وأبو موسى الأشعري التقي الورع مع علي في التحكيم, هو الذي أدى إلى الاقتتال لأن الاتفاق بينهم كان أن يخلع كل منهم زعيمه ثم يكون الأمر شورى, ولكن عندما خلع أبو موسى الأشعري علياً, قام عمرو بن العاص فخلع معاوية ثم نصبه خليفة, فهنا كانت الخديعة فحدثت الفتنة.
هذه قباسات من نور وقيض من فيض في رحاب أمير المؤمنين أبا الحسن والحسين سبطي رسول الله (ص), وهو المبشر بالجنّة.. نسأل الله أن يجمعنا بهم في الفردوس الأعلى.. أمييين يا رب العالمين.
إعداد وتلخيص: سعد الدين حسن بابكـر
مملكـة البحرين- المنامة
التاريخ/ 30/7/2007م